للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صحيحِ مسلم (١) أنه قال قبل أن يموتَ بخمس: "إنِّي أَبرَأُ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، ولو كنتُ مُتَّخِذًا خليلا لاتَّخذْتُ أبا بكرٍ خليلاً، ألا وإنَّ مَن كان قبلَكم كانوا يَتَّخذونَ قبورَ أنبيائِهم مساجدَ، ألا فلا تَتَّخِذوا القبورَ مساجدَ فإني أنهاكم عن ذلك".

وفي السنن (٢) عنه أنه قال: "لعنَ الله زوَّاراتِ القبور والمتخذين عليها المساجدَ والسُّرُجَ".

وقد اتفق أئمة المسلمين على أنه لا تُشْرَع الصلاةُ عند القبور، وقَصْدُها لأجل الدعاء عندها، ولا التَّمَسُّح بها وتَقْبيلها؛ سواء في ذلك قبور الأنبياء وغيرهم. بل ليس تحت أديم السماء ما يُشرع التمسحُ به وتقبيلُه إلا الحجر الأسود، والركن اليماني يستحب التمسح به.

وقد صح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه والتابعين (٣)، فلم يَمْسَحوا إلا الرُّكنين اليمانيين، ولم يمسحوا سائر جوانب البيت ولا مقام إبراهيم الذي هناك؛ فكيف بمقام إبراهيم في تلك البقعة ومقامِ غيره من الأنبياء والصالحين؟ وقد قال الله في كتابه: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (٢٣)) (٤). قال طوائف من الصحابة


(١) برقم (٥٣٢) عن جندب بن عبد الله.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٢٩، ٢٨٧، ٣٢٤، ٣٣٧) وأبو داود (٣٢٣٦) والترمذي (٣٢٠) والنسائي (٤/ ٩٤) وابن ماجه (١٥٧٥) من طريق أبي صالح عن ابن عباس. وانظر الكلام عليه في "الضعيفة" (٢٢٥).
(٣) في الأصل: "التابعون".
(٤) سورة نوح: ٢٣.