للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأهلُ الحديث موافقون لهم جميعهم في إنكار تلك التأويلاتِ لا في إثباتِ شيء منها:

فنُفاةُ الرؤيةِ من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة يتأولون النصوصَ فيها تارةً برؤية أفعال الله، وتارةً برؤية القلب الذي هو زيادة العلم، ومُثبِتُو الرؤية من أهل الحديث والكلام يَرُدُّون ذلك ويُنكِرونَه.

ومُنكِرُوْ الكلامِ الحقيقي يتأولون "قال الله ويقول" بمعنى أنه أحدثَ في غيرِه كلامًا خاطبَ به عبادَه، ومُثبِتو الكلامِ الحقيقي من أهل الحديث والكلام يُبطِلون هذا التأويلَ ويُحرِّمونَه.

ونفاةُ الصفات يتأولون (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) (١) و (ذُو الْقُوَّةِ) (٢) والسمع والبصر ونحو ذلك، ومُثبتو الصفاتِ من أهل الحديث والكلام يُنكِر [ونَ] هذه التأويلات. بَل الأشعريةُ المتمسكون بالقولِ الثاني -كالأشعري في "الإبانة"، والقاضي أبي بكر ابن الباقلاّني، وابن شاذان، وابن فورك وغيرهم- يُنكِرون على من يتأؤلُ صفةَ اليد والوجه وغير ذلك، كما صَرحوا به في كُتُبهم (٣).

والمسلمون جميعًا يُنكِرون على متكلمي الفلاسفة الذين يتأوَّلون ما وردَ في صفة الملائكة والجنّ والجنّة والنّار والقيامة وحَشْر الأجساد.

وأهلُ الإثبات جميعًا -أهل الحديث وأهل الكلام- يُنكِرون


(١) سورة النساء: ١٦٦.
(٢) سورة الذاريات: ٥٨.
(٣) انظر "الإبانة" للأشعري (ص ٣٥ - ٣٩) و"التمهيد" للباقلاني (ص ٢٩٥ - ٢٩٨).