عنه، ولهذا لو استمر به المرض المرجوُّ إلى ما بعدَ رمضانَ ولم يتمكنْ من القضاء فلا إطعامَ عنه ولا قضاءَ باتفاق الأئمة، بخلاف ما أوجبه العبد على نفسِه فإنه قد يُوجب ما يَعجِزُ عنه، كما يَستدينُ ما لا يُطِيق وفاءَه، فيكون فعلُ الغيرِ عنه كقضاءِ الذَينِ عنه، وذلك جائز.
وحقيقة هذا القول أن من عَجَز عن الصيام والفدية فلا شيء عليه، فلا يحتاج أن يصوم عنه، ومن قَدَر على أحدِهما فلا بد له من أحدهما. والمقصود هنا أن الشارع سَوغ الصومَ عن الميت كما سَوغ الحج عنه في الجملة، فلا يجوز أق يقال: لا تدخله النيابة بحالٍ.
والوجه الثاني: أنهم قالوا: إهداء ثواب العمل إلى الميت ليس نيابةً عنه، وإنما العامل عَمِلَ لنفسِه لا عن الميت، والإنسان ليس له إلاّ ما سعى، فهذا السعي للحى لا للميتِ، لكن الميت استحق عليه أجرًا من الله، فتبرعَ به للميت كما يتبرع الأجيرُ بأجرتِه لغيره، وإن كان عمله في الإجارة لنفسِه لا للغير، ولهذا يفرق في الإجارة بين من يعمل لغيره وبين من يعمل لنفسه، ويُعطِي الأجرة لغيره، فالأول كالأجير المشترك الذي التزمَ العملَ في ذمته، إذا أعطاه لبعض الناس ليعمل عنه كان ذلك عملاً بطريق النيابة عمَن وجب عليه العمل، وهو نظير قضاء الدين. والثاني كالأجير الخاصّ أو المشترك الذى عَمِلَ ما عليه، وأَخذَ أجرتَه فأعطاها لغيره، ولهذا كان أصحاب أبي حنيفة لا يُجوزون النيابة في العبادات البدنية، ويُجوزون إهداءَ ثوابها، وكذلك أصحاب أحمد يُجوِّزون إهداء