غَلِطَ، فإن العمل عليه عند من يُوجب الجماعةَ، يُوجبُها على الأعمى كما يُوجبُ عليه الجمعة، فإذَا أمكنه الخروج إليَها وَجَبَتْ عليه وإن لم يكن له قائد، إذ الأعمى قد يذهب إلى السوق وغيرِه من حوائجه بلا قائدٍ، فكذلك يذهب إلى الجماعة.
فصل
وأما من قال: لا يوجد اليومَ منافقٌ، إنما كان النفاقُ على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فهذا مخطئ بإجماع المسلمين، بل قد قال حذيفة بن اليمان بعد موتِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن النفاق اليومَ أكثرُ منه على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والمنافقُ هو الذي يُبْطِنُ الكفرَ ويُظهِرُ الإسلامَ، وهذا موجودٌ في سائرِ الأعصار، بل إذا كان مع رؤية النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآياتِه وسَماعِ كلامِه يكون المنافقون موجودين فبعدَه أولى وأحرى.
وأما قوله: إنه يقال زنديق، ولا يقال منافق، فهذا جهلٌ منه، فإن لفظ "زنديق" لفظٌ معرَّبٌ لم يَنطِقْ به رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أصحابُه، ولكن نَطقتْ به الفُرسُ، فأخذَتْه العربُ فعرَّبَتْه. ومعنى الزنديق الذي تنازع الفقهاء في قبول توبته هو معنى المنافق الذي يُظهِر الإسلامَ ويُبطِن الكفرَ، ولهذا قال الفقهاء: إن الزنديق هو المنافق، وتنازعوا في قبول توبته. واحتجَّ الشافعي وغيرُه ممن يَرى قبولَ توبةِ الزنديق بأن المنافقين الذي كانوا على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ علانيتَهم ويَكِلُ سَرائِرَهم إلى الله. وكذلك تكلم