للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحضر أربعٌ إلاّ المغرب والفجر، وأنه يُخافَت في صلاة النهار ويُجهَر في صلاة الليل، ويُجهَر في صلاة الفجر وإن قيل: إنها من صلاة النهار، وأنها ركعتان حضرًا وسفرًا، والمغرب ثلاث حضرًا وسفرًا، ونحو ذلك.

ثمّ كثير من الأحكام التي يعملها الخاصَّة دون العامة، تُعلَم بالأخبار التي يعلمها الخاصة، كذلك بعض الحروف التي يضبطها الخاصة من القرّاء قد تكون من هذا الباب.

وعلى هذا الوجه فيمتنع أن يكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرأ بتلك القراءة أكثر، ويُعلِّمها لأمته أكثر، وجماهير الأمة لم تنقُلْها ولم تَعْرِفها، فنقلُ جمهور الأمة لها خلفًا عن سلف تُوجب أنها كانت أكثر وأشهر من قراءة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن كان قرأ بالأخرى، وإن كان لم يقرأ بالأخرى لم تعدل بهذه. فنحن نشهد شهادةً قاطعةً أنه قرأ بهذه، وأنّ تلك إمّا أنه لم يَقرأ بها أو قرأ بها قليلاً، والغالب عليه قراءته بهذه، لأنه يمتنع عادةً وشرعًا أن تكون قراءتُه بتلك أكثر، وجمهور الأمة لم تنقل عنه ما هو أغلبُ عليه، ونقل عنه ما كان قليلاً منه.

فهذا من جهة نقل إعراب القرآن ولفظه.

فصل

وأما من جهة معناه ومفهومه فيقال: نفس القراءة المتواترة أرجح وأظهر وأتم، وذلك من وجوه: أحدها: أن معنى هذه موافق لمعنى قوله في الآية الأخرى (وَمَا خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون (٥٦) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (٥٧) إن الله هُوَ اَلرَّزَّاقُ ذُو القوة المتين (٥٨)) (١). فقوله: (وما أريد أن يطعمون (٥٧))


(١) سورة الذاريات: ٥٦ - ٥٨.