للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنَّه كانَ تَوابا (٣)) (١). كما امتثل بتلك الأدعية ما أمره في قوله: (فَاَصبِر إِنَّ وَعد اللهِ حَقٌّ وَاستَغفِر لِذنبك وسبح بحمدِ رَبِّكَ بِالعَشىّ وَالإبكار (٥٥)) (٢)، (فأعلم أَنَهُ لَاَ إِلَهَ إلا اللهُ وَاَستَغفِر لِذَنبك وَلِلمُؤمِنِينَ وَالمؤمِنات) (٣).

وهذا الدعاء الذي ذكرته عائشة بعد نزول قوله: (ليَغفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَمَ مِن ذنبك وَمَا تَأَخرَ) (٤)، فإنه قد ثبت في الصحيح (٥) أن سورة "إذا جاء نصر الله والفتح" آخر سورةٍ أُنزلتْ. وأيضًا فأبو موسى الأشعري وأبو هريرة إنما صَحِبَاه بعد نزول قوله: (لِيَغفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَمَ مِن ذنبك وَمَا تَأَخَرَ)، فإن هذه الآية قد ثبت في الصحيح (٦) أنها نزلتْ عامَ الحديبية لما بايعَه الصحابةُ بيعةَ الرضوان تحت الشجرة وانصرفَ، وقد خالط أصحابَه كآبةٌ وحُزنٌ لرجوعهم، ولم يتِمُّوا العمرةَ التي خرجوا لها، وقد صالحوا المشركين، لما أن في ظاهره غَضاضةً عليهم، حتى كرهَه كثيرٌ منهم، وجَرتْ فيه فصولٌ، فأنزل الله سورةَ الفتح بنُصرتِه من الحديبية، وهو في الطريق قبلَ وصولهِ إلى المدينة، ثم إنه تَجهَّزَ من المدينةِ لفتح خيبر، وفي أواخر غَزاةِ


(١) سورة النصر: ٣.
(٢) سورة غافر: ٥٥.
(٣) سورة محمد: ١٩.
(٤) سورة الفتح: ٢.
(٥) لم يروه البخاري ومسلم، وقد أخرجه النسائي والطبراني عن ابن عباس كما في تفسير ابن كثير (٤/ ٦٠٠،٦٠١).
(٦) مسلم (١٧٨٦) عن أنس.