للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وقوله: (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) (١) هذه القراءة العامة التي في المصحف الإمام، وقد كان ابن عباس يقرأ: "بما آمنتم به"، ويقول: إن الله لا مثل له (٢).

وتلك قراءة صحيحة المعنى، لكن قراءة العامة أحسن وأجمع، فإنه لو قيل: بما آمنتم به، وقيل: إنه أريد به الله، لقالوا: قد آمنا بالله، فإنهم لا يكفرون بأصل وجود الخالق، وإنما يكفرون ببعض كتبه ورسله وأسمائه وصفاته ودينه، ولذلك استحقوا اسم الكفر.

وأيضًا فلو آمنوا بما آمنَّا به من غير أن يؤمنوا بمثل ما آمنَّا به، لم يكونوا مهتدين وإن آمنوا بجميع الأشياء، وذلك أنه سبحانه قال في المائدة لما أباح نساء أهل الكتاب وطعامهم، قال: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (٣)، والإيمان هو: الإيمان الذي هو الدين، الذي هو الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، فإن الإيمان الذي يجب على العباد اتباعُه يجب الإيمانُ به، فمن كفر بما يفعله المؤمنون من الإيمان، فقد كفر بالله. وهذا الإيمان الذي في القلوب هو مثلٌ مطابقٌ للحقيقة الخارجة، وما في القلوب [من] (٤) الإيمان متماثل أيضًا، فنحن آمنا بالله، وما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم، وما أوتي النبيون من ربهم،


(١) سورة البقرة: ١٣٧.
(٢) أخرجه الطبري (٢/ ٦٠٠) وابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٢٤٤).
(٣) سورة المائدة: ٥.
(٤) زيادة يستقيم بها السياق.