وتعليمه وتأديبه، وأنه مع الأم تَضِيع مصلحتُه. ولا يُختر الغلامُ هنا عند أحدهما لا يخرج إلى الأحقّ، فالأب أيضًا أحق، لأن كونه عند الأب أصلحُ له. وهذا المعنى منتفٍ في الابن، لأنه يختر، ولأن تردُّدَ الابن بينهما لا مضرَّةَ عليه فيه، بخلاف البنت.
واتفقوا كلهم على أن الأم لو أرادتْ أن تسافرَ بالذكر أو الأنثى من المصر الذي فيه عُقِد النكاحُ فالأب أحق به، فلم يُرجِّح أحدٌ منهم الأمّ مطلقًا. فدلَّ ذلك على أن ترجيحها في حضانة الولد مطلقًا -ذكرًا كان أو أنثى- مخالفٌ لهذا الأصل الذي اتفقوا عليه. وعُلِمَ أنهم متفقون على ترجيح جانب الأب عند تعذُّر الجمع بينهما، وهذا ثابت في الولد وإن كان طفلًا يكون في بلد أبيه، بخلاف ما إذا كان الأبوان في مصرٍ واحدٍ، فهاهنا هو مع الصغر للأم، لأن في ذلك جمعًا بين المصلحتين.
ومما يُقوِّيْه أيضًا أن الغلام إذا بلغَ معتوهًا كانت حضانتُه للأم كالصغير، وإن كان عاقلًا كان أمره إلى نفسه، ليسكن حيث شاءَ إذا كان مأمونًا على نفسِه، عند الأئمة الأربعة وغيرهم. فإن كان غير مأمونٍ على نفسِه فلم يَجعَل أحدٌ الولايةَ عليه للأم، بل قالوا: للأب ضمُّه إليه وتأديبُه، والأب يمنعه من السلفة.
وأما الجارية إذا بلغت فنُقِل عن مالك: الوالد أحق بضمَّها إليه حتى تُزوَّج ويدخل بها الزوج، ثم هي أحقُّ بنفسها، وتسكن حيث شاءت، إلا أن يخاف منها هوى أو ضيعة أو سوء موضع، فيمنعها الأب بضمّها إليه.
وقد تقدَّم في "المدونة"(١): أن الأم أحق بها ما لم تنكح، وإن