للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما المصوغ من الدراهم والدنانير، فإن كانت صياغة محرمةً كالآنية، فهذه يحرُم بيعُ المصاغة لجنسها وغير جنسها، وبيعُ هذه هو الذي أنكره عُبادةُ على معاوية.

وأما إنْ كانت الصياغة مباحةً، كخواتيم الفضة، وكحلية النساء، وما أبيح من حلية السلاح وغيرها من الفضة، وما أبيح من الذهب عند مَن يرى ذلك= فهذه لا يبيعها عاقلٌ بوزنها، فإن هذا سفَهٌ وتضييعٌ للصنعة، والشارع أجلُّ من أن يأمر بذلك، ولا يفعل ذلك أحدٌ البتة إلا إذا كان متبرعًا بدون القيمة. وحاجة الناس ماسَّةٌ إلى بيعها وشرائها، فإنْ لم يُجَوَّز بيعُها بالدراهم والدنانير فسدتْ مصلحة الناس.

والنصوصُ الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيها ما هو صريح في هذا، فإن أكثرها إنما فيه الدراهم والدنانير، وفي بعضها لفظ الذهب والفضة. وجمهور العلماء يقولون: لم يدخل في ذلك الحلية المباحة، بل لا زكاة فيها، فكذلك الحلية المباحة لم تدخل في نصوص الربا، فإنه بالصيغة المباحة صارت من جنس الثياب والسِّلع، لا من جنس الأثمان، فلهذا لم يجب فيها زكاة الدنانير والدراهم، ولا يحرم بيعها بالدنانير والدراهم.

ومما يبيِّن ذلك أن الناس كانوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخذون الحلية، وكُنّ النساء يَلبسْنَ الحلية، وقد أَمرهنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد أن