للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واسمُه "الله" تضمَّن جميع المحامد، فإنه يتضمن الإلهيةَ المستلزمةَ لذلك، فإذا قيل "لا إله إلا الله" تضمنت هذه الكلمة إثباتَ جميع المحامد، وأنه ليس له فيها نظير، إذ هو إلهٌ لا إله إلا هو. والشرك كلُّه إثباتُ نظيرٍ لله عز وجلِّ، ولهذا يُسبِّح نفسَه ويُعاليها عن الشرك في مثل قوله (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢)) (١). وقال تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)) (٢). فان الشرك قولٌ هو وصف، وعملٌ هو قصد، فنزه نفسه عما يصفون بالقول والاعتقاد وعن أن يُعبَد معه غيره.

وأعظم آية في القرآن آية الكرسي، أولها: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (٣). فقوله "الله" هو اسمه المتضمن لجميع المحامد وصفات الكمال، وقوله "لا إله إلا هو" نفي للنُّظراء والأمثال. وكذلك أول الكلمات العشر التي في التوراة: "يا إسرائيل! أنا الله لا إله إلا أنا"، جمع بين الإثبات ونَفْي الشريك، فالإثبات لردّ التعطيل، والتوحيد لنفي الشرك.

وهكذا التحميد والتوحيد، فالتحميد متضمن إثبات ما يستحقه من المحامد المتضمنة لصفات الكمال، وهو ردّ للتعطيل، والتوحيد ردّ للشرك، والتحميد يتضمن إثبات أسمائه الحسنى، وكلها محامد له، وهو يتضمن ذكر آياته وآلائه، فإنه محمودٌ على آلائِه كلِّها، وآياته


(١) سورة المؤمنون: ٩١ - ٩٢.
(٢) سورة الأنبياء: ٢١ - ٢٢.
(٣) سورة البقرة: ٢٥٥.