للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة

في شرح الحديثِ الذي ذكره الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، قال: قلتُ: يا رسولَ الله! عَلِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، فقال: قل: "اللهمَّ إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يَغفر الذنوبَ إلاّ أنتَ، فاغفِرْ لي مغفرةً من عندك وارْحَمْني، إنك أنتَ الغفور الرحيم" (١).

شرحَه الحكيم فقال (٢): هذا عبدٌ اعترفَ بالظلم، ثم التجأَ إِليه مُضطرًّا، لا يجدُ لذنبه ساترًا غيرَه، ثم سألَه مغفرةً من عنده.

والأشياءُ كلُّها من عندِه، ولكن أراد شيئًا مخصوصًا ليس مما بَذَلَه للعَامَّةِ، فلله تعالى رحمة قد عَمَّتِ الخلقَ بَرَّهم وفاجرَهم، سعيدَهم وشقيَّهم، في أرزاقِهم ومعايشهم وأحوالِهم؛ ثم له رحمةٌ خَصَّ بها المؤمنين، وهي رحمة الإيمان، ثم له رحمةٌ خصَّ بها المتقين، وهي رحمةُ الطاعةِ للهِ تعالى؛ وللهِ رحمةٌ خصَّ بها الأولياءَ نالوا بها الولايةَ، وله رحمةٌ خصَّ بها الأنبياءَ نالوا بها النبوةَ. ولما ذكرَ في


(١) أخرجه البخاري (٨٣٤،٦٣٢٦،٧٣٨٨) ومسلم (٢٧٠٥).
(٢) "نوادر الأصول" (ص ٢٣٢).