للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وكان عمر يقول عَقِب المواسِم: يا أهل الشام شامكم، يا أهل اليمن يمنكم، يا أهل العراق [عراقكم].

ولأن المُقيم بها يفوتُه الحجّ التَّام والعمرة التَّامَّة؛ فإنَّ العلماء مُتَّفقون على أنه إنْ أنشأ سَفَرَ العمرة من دُوَيرة أهله كان هذا أفضل أنواع الحج والعمرة. وهم متفقون على أنه أفضل من التَّمَتعُّ والقِران ومن الإفْرَاد الذي يعتمر عقب الحَجّ.

وأما ما يظنه بعض الناس من أن الخروج بأهل مكة في رمضان أو غيره إلى الحلِّ للاعتمار؛ وهو المراد بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١): "عمرة في رمضان تَعدِلُ حَجَّةً مَعِي"، حتى صار المُجاوِرُون وغيرهم يُحافِظُون على الاعتمار من أَدْنَى الحِل أو أقصاهُ، كاعتمارهم من التَّنعيم التي بها المساجد التي يقال لها مساجد عائشة، أو من الحديبية والجعرانة= فكلُّ ذلك غلط عظيم، مُخالف للسنَّة النبويّة ولإجماع الصحابة. فإنه لم يعتمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا أمثالهم من مكة قَطُّ، لا قبلَ الهجرة ولا بعدَها، بل لم يعتمر أحد من المسلمين على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مكة إلاّ عائشة فقط، فإنها قَدِمَت مُتَمَتّعة، فحَاضَت، فمَنَعَها الحيض من الطَّواف قبل الوقوف بعرفة، فسألت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُعمرها بعد الحج (٢)، ثم بعد ذلك بُنيَت هذه المساجد التي هناك، وقيل لها: مساجد عائشة.


(١) أخرجه البخاري (١٨٦٣) ومسلم (١٢٥٦) عن ابن عباس.
(٢) أخرجه البخاري (١٥٦١ ومواضع أخرى) ومسلم (١٢١١) عن عائشة.