للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَضُرَّ الله شيئًا» (١).

وذِكرُه لهذه الأصول في خطبة يوم الجمعة وغيرها من قواعد الإسلام وأصول الإيمان، بل ذِكرُه لهذا الكلام بعد قوله: «أما بعد» ــ كما رواه جابر وغيُره ــ دليلٌ على أن هذا هو جماع الدين كما قررناه أولًا، فإنه بعد الحمد والشهادتين يقول: «أما بعد، فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة». فعُلِم بذلك كمالُ موقعِ هذا الكلام من الدين، وذلك لأنه مشتمل على أَصْلَي الإيمان: شهادةِ أن لا إله إلا الله، وشهادةِ أن محمدًا رسولُ الله، على الإيمان بالله ورُسُله. ولكن بيَّن فيه جماع أمور الدين، فإنها نوعان: قولٌ وعمل، كما قال عبد الله بن مسعود: إنما هما شيئانِ: الكلام والهدي.

والهديُ: القصد والعمل، يقال: هَدَى يهدي هَدْيًا، كما يقال: مَشَى يمشِي مَشْيًا، وسَعَى سَعْيًا، ويقال: هَدَى غَيرَه يهدِيه هُدًى. ومن الأوّل قوله: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٥٩]، وقوله: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٨١]. ومنه قوله: {أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى} [يونس: ٣٥] على قراءة من قرأ


(١) أخرجه أبو داود (١٠٩٧) والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢١٥، ٧/ ١٤٦) من حديث ابن مسعود. وإسناده ضعيف، وعلته أبو عياض وهو المدني، مجهول. ومع ذلك فقد صححه النووي في شرح صحيح مسلم (٦/ ١٦٠).