للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين الآمدي (١). وقد نقل لفظ الحقيقة عن السلف وأهلِ السنة أبو عمر ابن عبد البر وأبو القاسم التيمي الأصفهاني وأبو عبد الله القرطبي في تفسيره، وقال (٢): لم يُنكر أحدٌ من السلف الصالح أن الله استوى على عرشِه حقيقةً.

وكلهم يقول: «مع نفي الكيفية والتشبيه عنها»، ويقولون: إذا كانت ذات الله ثابتةً حقيقةً وأسماؤه على ظاهرها مع أنا لا نعلم كيفية ذاتِه وصفاتِه، فكذلك صفاته، إذ العلم بكيفية الصفة فرع على العلم بكيفية الموصوف، فإذا قال السائل: كيف صفاتُه؟ فقُلْ: كيف هو في ذاته؟ فإذا قال: لا أعلَمُ كيفيةَ ذاتِه، فقُلْ: لا أعلَمُ كيفيةَ صفاتِه.

ونقلَ طائفةٌ منهم القاضي عياض (٣) وغيره أن مذهب السلف إمرارُها كما جاءت مع العلم أن الظاهر غير مراد.

قلتُ: يُجمَع بين النقلينِ بأن «الظاهر» لفظ مشترك، فالذي نقلَ نفيَه نفَى ما يظهر لبعض الناس من التشبيه بصفات المخلوقين، وما يقتضي نقصَ الخالق تعالى، مثل أن يقال: ظاهر قوله «في السماء» أن السماء تَحْوِيه أو تَحْمِله. ولا ريبَ أن هذا الظاهر لهذا غير مراد، فإن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى مخلوقاته ولا يَحصُره شيء، سبحانَه وتعالى. بل


(١) في غاية المرام (١/ ١٣٥ ــ ١٣٦).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٢١٩).
(٣) انظر: إكمال المعلم (١/ ٥٦٧، ٢/ ٤٦٥).