الفاضلة، بل هو مُحدَثٌ في حدود أواخر المئة الثانية، ولهذا امتنع عن حضوره أكابر العارفين وأئمة العلم وأهل الاتباع للشريعة، ونهوا عنه.
وقد حضره جماعات من المشايخ الصالحين وأهل الأحوال، لما تُثير فيهم من وَجْدهم الكامن، فيُثير العزم الساكن، ويُهيّج الوجد القاطن. وكانوا في حضوره على درجات، وشاركهم فيه جماعات من أهل البدع والضلالات، وإن كان لهم أحوالٌ فيها كشوفٌ وتأثيرات، تُنتج لهم أحوالًا غير مرضية للرحمن، مثل تحضير أهل الكفر والفسوق والعصيان، ومثل مغالبة بعضهم بعضًا، والسعي في سلب إيمانه أو حال إيمانه، أو غير ذلك من أنواع البغي والعدوان، فدخلوا بذلك في الإعانة على الإثم والعدوان، وفرَّطوا فيما أُمِروا به من الإعانة على البر والتقوى.
وصار بسبب كونه مشتركًا يشترك فيه المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والصدّيق والزنديق، بمنزلة من بنى معبدًا مطلقًا يتعبد فيه كلُّ أهل ملة ونحلةٍ، فيجتمع فيه المسلمون واليهود والنصارى والمجوس والمشركون والصابئون، كلٌّ يصلي إلى قبلته، ولا ينهى بعضهم بعضًا، وجعل لهم فيه مطاعم وملابس. فقد يتفقون لما فيه من القدر المشترك من المطعم والملبس والمسكن، ويتفاوتون لما فيه من اختلاف مقاصدهم ونياتهم ووِجَهِهم، فإنّ وِجَهَ القلوب أعظم تفاوتًا من وِجَه الأجساد.