للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَمْلُه على الصلاة عليه كما ذكر السائل. بَقِيَ المفهومُ الثالث وهو الدعاء، فإن الصلاة من أهل اللغة: الدعاء، كما قال تعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) (١)، فيكون هذا السائل له دعاء يدعو به لنفسه، فيمكن أن يجعل ثُلثَه دعاءً للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فالصلاة عليه صلاة، ويمكن أن له شَطْرَه، ويمكن أن يكون جميعُ دعائِه دعاءً للنبي، مثل أن يُصلِّي عليه بدلَ دعائه. وقد ثبتَ (٢) أنه من صلَّى عليه مرة صلَّى الله عليه عشراً، فيكون أجر صلاته كافيا له، ولهذا قال: "يَكفِيْ همَّك ويَغفِر ذنبَك"، أي إنك إنما تطلب زوالَ سبب الضرر الذي يُعقِب الهمَّ ويُوجب الذنب، فإذا صليتَ على بدل دعائك حصل مقصودك، وهذا معنى مناسب، فإنه قد ثبت (٣) أن من دعا لأخيه بظهر الغيب بدعوةٍ قال الملَكُ الموكَّلُ به: آمينَ، ولك بمثلٍ. وثبت عنه (٤) أنه قال: "واللهُ في عونِ العبد ما كان العبدُ في عون أخيه"، فإذا كان بدلَ دعائِه لنفسه يدعو للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حصلَ له أعظمُ مما كان يطلب لنفسه.

واحتجاجه بحديث الدارقطني يقال له: إنما في الحديث فعل العبادات عن الوالدين، وهذا في العبادات المالية متفق عليه بين الأئمة، وإنما تنازعوا في النذر، وقد ذكر مسلم في صحيحه (٥) عن


(١) سورة التوبة: ١٠٣.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق.
(٤) مسلم (٢٦٩٩) عن أبي هريرة.
(٥) ١/ ١٦.