للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخوانه من المؤمنين أولى، فإنه إلى هذا أحوج، وهو عليه أوكدُ إيجابًا أو استحبابًا، إذ التأليف بين الناس والإصلاح بينهم فرعُ مؤالفتِه لهم وصلاح حالهِ معهم. قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١]، وقال: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون: ٩٦]، وقال: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣]، وقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]، وقال: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠]، وقال: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: ١١٤].

والمحاربة الشرعية أصلها ظاهرًا لأهل الحرب من الكفار، وفي الباطن وبعضِ الظاهر للمنافقين، والمرخَّص فيه هو المعاريض بالاتفاق، وقد يسمَّى كذبًا، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لم يَكذِبْ إبراهيم إلّا ثلاثَ كذباتٍ كلُّهنّ في ذات الله" (١). وهذه الثلاث هي من باب المعاريض.

وأما الكذب الصريح ففيه قولان، أظهرهما أنه لا يباح، ولهذا قالت: ولم أسمعه يُرخِّص فيما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث.

ومن الحرب المباحة دفعُ المظالم عن النفوس والأموال والأبضاع المعصومة (٢).


(١) أخرجه البخاري (٣٣٥٧، ٣٣٥٨) ومسلم (٢٣٧١) عن أبي هريرة.
(٢) بعده في الأصل بياض بقدر تسعة أسطر.