للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كما أن لفظ «الصلاة» في اللغة بمعنى الدعاء. وقال ابن مسعود (١): ما دُمتَ تذكرُ الله فأنتَ في صلاةٍ، ولو كنتَ في السوق. فلفظ الصلاة يتضمن الثناءَ والدعاء، كما قال الله: «قسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين» (٢).

فأما الذكر فهو مصدر ذكَرَ يذكرُ ذِكرًا، وهذا يقال في الخبر الذي هو الثناء، وأما الطلب والسؤال فلأن فيه ذكر المسؤول المدعو فيُطلَق عليه الذكر.

وأما إطلاق لفظ الدعاء على الثناء وذكر الله فلوجوه:

أحدها: أن المُثنِي يتعرض لرحمة الله من جلب المنفعة ودفع المضرة، فصار سائلًا بحالِه وإن كان مُثنيًا بقالِه. وهذا جواب سفيان بن عيينة (٣)، واستشهد بحديث مالك بن الحويرث (٤) وشعر أمية بن أبي


(١) ذكره الشيخ في مجموع الفتاوى (١٤/ ٢١٥) واقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٩٤)، ونسبه إلى أبي الدرداء في مجموع الفتاوى (٣٢/ ٢٣٢).
(٢) أخرجه مسلم (٣٩٥) عن أبي هريرة.
(٣) رواه ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٤٣ ــ ٤٥). وانظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٤٥).
(٤) في التمهيد (٦/ ٤٤): «مالك بن الحارث». وهو الصواب، وهو تابعي ثقة، روى عنه منصور الحديثَ القدسي: «إذا شغلَ عبدي ثناؤه عليَّ عن مسألتي أعطيتُه أفضل ما أعطي السائلين». وذكر سفيان إسناده إليه. أما «مالك بن الحويرث» فهو صحابي ولم يُروَ عنه حديث في هذا المعنى.