للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/فصل

وأما قول القائل: "إن النجباء بمصر والأبدال بالشام والنقباء بالعراق" ونحو هذا الكلام، فهذا الكلام على الإطلاق باطلٌ قطعًا، فإن هذه الأمصار كانت في أول الإسلام ديارَ كفر، لم يكن بها أحد من أولياء الله، ولما صارت دارَ إسلام صار فيها من أولياء الله المتقين بحسب ما في أَهلِها من الإيمان والتقوى، ولا يختص إقليم من هذه الأقاليم بالأبدال. ومن قال إن الأبدال لا يكونون إلاّ بالشام فقد أخطأ، فإن خيارَ هذه الأمةِ من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كانوا بالمدينة النبوية، ولما فُتِحت الأمصار كان في كل مصرٍ من خِيار المسلمين من لا يُحصِيه إلاّ الله.

وقد جاء في فضائل الشام وأهلِه أحاديث معروفة (١) لم يَجئْ مثلُها في العراق وغيره من الأمصار، مثل قوله في الحدَيث الصحيح: "إن ملائكة (٢) الرحمن باسطة أجنحتها على الشام" (٣).


(١) انظر "فضائل الشام ودمشق" للربعي، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (الجزء الأول) و"فضائل الشام" لابن رجب وغيرها. وراجع "مجموع الفتاوى" (٢٧/ ٥٠٥ - ٥١١).
(٢) في الأصل "أجنحة"، وهو سبق قلم، والتصويب من مصادر التخريج الآتية.
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ١٨٤) والترمذي (٣٩٥٤) والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٢٩) من حديث زيد بن ثابت. قال الترمذي: حسن، وصححه الحاكم والمنذري في "الترغيب والترهيب" (٤/ ٦٣) والألباني في تخريج أحاديث=