للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستدلال بالاستصحاب لمن لا يعرف الأدلة الناقلة.

وبالجملة الاستصحابُ لا يجوز الاستدلالُ به إلاّ إذا اعتقد انتفاء الناقلِ، فإن قَطَعَ المستدلُّ بانتفاء الناقل قَطَعَ ببقاء الحكم، كما يَقْطَعُ ببقاءِ شرع محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه غير منسوخ، وإن ظنّ انتفاءَ الناقلِ ظنَّ بقاءَ الحكم، فإن كان الناقلُ دليلاً تَبَيَّنَ (١) له انتفاءُ دلالتِه ظنَّ انتفاءَ النقلِ (٢)، وإن كان معنى مؤثرًا وتبينَ له عدمُ اقتضائِه، تبيَّن له بقاءُ النقل، مثل رؤية الماء في الصلاة، فلا يطمئن قلبه إلى بقاء الصلاة إن لم يتبين له أن رؤيةَ الماء في الصلاة لا تُبطِل الطهارةَ، وإلّا فمعَ تجويزِه لكونِ هذا ناقضًا للوضوء لا يَطمئن ببقاء الوضوء.

وهكذا في كل من يَتَورع في انتقاضِ وضوئه ووجوب الغسل عليه، فإن الأصلَ بقاءُ طهارته، كالنزاع في بطلان الوضوء بخروج النجاساتِ من غير السبيلين، وبالخارج النادر منهما، وبمسّ النساء لشهوةٍ ولغير شهوةٍ غيرِ الجماع، ومسنَ الذكر، وأكلِ ما مسَّتْه النار، وغسل الميت، وغيرِ ذلك، لا يمكن اعتقادُ/ [١٦٥ ب] استصحاب الحالِ حتى يَتبينَ له بطلانُ ما يُوجبُ الانتقالَ، وإلاّ بقي شاكًا، وإن لم يَتبينْ له صحةُ الناقل، كما لَو أخبره فاسق بخبير، فإنه مأمور بالتبين والتثبُّت، لم يُؤْثرْ (٣) تصديقَه ولا تكذيبَه، فإن كلاهما ممكن


(١) في النسختين: "يبين".
(٢) ع: "بقاء النقل" وهو تحريف، انظر"إعلام الموقعين" (١/ ٣٤٢).
(٣) أي لم يُرجح أحدهما على الآخر.