للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللناس هنا ثلاثة أقوال (١):

فذهب بعض المالكية إلى أن الظهار إذا قصد به الطلاق كان طلاقًا كالحرام، وهذا قياس قولهم، لكنه هو قولهم في الجاهلية، وهذا رجوع إلى قول أهل الجاهلية.

وذهب طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد إلى أنه إذا قصد بالحرام الطلاق كان طلاقًا، خلاف الظهار. وهؤلاء أرادوا أن يجمعوا بين نصّ الظهار وبين ما اعتقدوه قياسًا في الكنايات، وأنه أيّ لفظٍ قصد به الطلاق وقع، فتناقضوا؛ فإن لفظ الظهار إذا قصد به الطلاق لم يقع، ولا فرقَ بينه وبين لفظ الحرام.

فإن قالوا: اللفظ إذا كان صريحًا في حكم، ووجد نفاذًا فيه، لم يجز جَعْلُه كنايةً في غيره.

قيل لهم: فهذا يدلُّ على أنه ليس كلُّ ما احتمله اللفظ كان كنايةً فيه، بل لابدّ أن يكون صريحًا في حكمٍ آخر، وحينئذٍ فلِمَ قلتم: إن الحرام ليس بصريح في الظهار كلفظ الظهار؟ وما الفرق بينه وبين لفظ الظهار؟.

وأما أحمد فإن نصوصه المتواترة عنه أنه يجعله صريحًا في الظهار، لا يقع به الطلاق ولو نواه به.

وأيضًا فإمًا أن يُجعل الظهار كنايةً في الطلاق، وإمّا أن لا يجعل، فمن جعله كنايةً فيه فقد أتى بقولِ أهل الجاهلية الذي أبطله القرآن،


(١) انظر "المغني" (١٠/ ٣٩٧،١١/ ٦١)، و"مجموع الفتاوى" (٣٢/ ٢٩٥، ٣٠٩؛ ٣٣/ ٧٤، ١٦٠).