للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البشر"، كلُّ ذلك كفر.

وقد قال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: ١٠٢]، فأخبر أن جبريل نزَّله من الله، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١١٤]، وقال تعالى: {حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [غافر: ١ - ٢]، {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: ١ - ٢]، ونظائره كثيرة.

فصل

وأما قول القائل: "من زعم أن القرآن الذي يقرؤه الناسُ كلام الله فهو حلوليٌّ يقول بقول النصارى الذين يقولون بحلول القديم في الحادث"، فهذا يدلُّ على جهله بدين المسلمين ودين النصارى!

* أما المسلمون، فإنهم إذا قالوا كما قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] لم يريدوا (١) بذلك أن الكلام الذي تكلَّم به الربُّ وقام بذاته انتقل إلى القُرَّاء؛ فإن الانتقال ممتنعٌ على صفات المخلوقين، فكيف على صفات الخالق؟!

والمسلمون إذا سمعوا كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبلَّغوه عنه، وقالوا: إنه قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى" (٢)، كانوا مبلِّغين لكلام


(١) الأصل: "يريدون".
(٢) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر - رضي الله عنه -.