للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومخالفته لبعض النصوص أيضًا.

وهذا الأصل هو الحكومةُ المذكورة في كتاب الله (١)، التي حكَمَ فيها داودُ وسليمانُ إذ حَكَما في الحرث الذي نَفَشَتْ فيه غنَمُ القوم، والحرث هو البستان، وقد روي أنه كان بستانَ عنَبٍ الذي يُسمَّى الكَرْمَ، ونَفْشُ الغنمِ إنما يكون بالليل، فقضى سليمانُ بالضمان على أصحابِ الغنم، وأن يضمنوا ذلك بالمثل، بأن يَعْمُروا البستانَ حتى يعودَ كما كان. وأما مُغَلُّه مِن حِيْنِ الإتلافِ إلى حينِ الكمالِ فأعْطَى أصحاب البستان ماشيةَ أولئك، ليأخذوا من نمائِها بقدر نماءِ البستانِ، وقد اعتبرَ النَّماءَيْنِ فوجدهما سواءً. كما أن داود لمّا حكمَ لأصحاب البستانِ بالغنم نفسِها قد اعتبر قيمتَها، فوجدَها بقدر ما أُتْلِف (٢) من البسمتان، ولم يكن لهم مالٌ غيرُها، وقد رَضُوْا بأخذِها ما لم يُطالبوا بدراهم، أو تعذَّر بيعُها بدراهم.

وقد تنازع علماءُ المسلمين في مثلِ هذه القضية على أربعة


(١) قال تعالى: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ) [سورة الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]. وقد تكلم المؤلف على قصة داود وسليمان هذه في "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٣٠٥ - ٣٠٦، ٥٦٣ - ٥٦٤، ٣٠/ ٣٣٣).
(٢) ع: "قيمة التلف".