للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٢ - ٢٣]، فليس لغيره مِلْكٌ ولا شِرْكٌ في مِلْك، فلا مَلِيك غيرُه، ولا شريك له، وهذان (١) الصنفان هما اللذان لهما مِلْكٌ إما كاملٌ وإما مُشَاع. ومن ليس له مِلْكٌ فإما أن يكون عونًا للمالِك، كالوكلاء، والأُجَراء (٢)، والغلمان، والجند، والأولياء، وإما أن يكون سائلًا طالبًا منه؛ لأنه إما أن ينفع المالكَ فيكون له عليه حقٌّ، وإما أن لا ينفع لكن يسأله، فأخبر سبحانه أنه ليس له من المخلوقات ظهير.

وأما مسألة الشفاعة، فلم يَنْفِها، لكن أخبر أنها لا تنفعُ إلا لمن أذن له في الشفاعة له، فنفعته الشفاعة (٣)، وإلا فلا.

وهذا بخلاف الشفعاء للمخلوقين، فإنهم قد يشفعون لمن لم يؤذن لهم في الشفاعة له، وقبل استئذان المشفوع إليه.

وهذا كقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥]، وكقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦]، وقال: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨]، وقال: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} الآية [يونس: ٣].


(١) الأصل: "هذان".
(٢) الأصل: "والوجراء"، وأحسبه من سبق القلم مشاكلة للفظ "الوكلاء" الذي قبله. ولم أجد لفظ "الوجراء" مستعملًا عند المصنف أو غيره.
(٣) كذا في الأصل.