للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحمن بن عوفٍ: "يا خالدُ، لا تَسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقَ أحدُكُم مثلَ أُحُدٍ ذهبًا ما بلغَ مُذَ أحدِهم ولا نَصِيْفَه ". وخالدٌ هو ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل، فإنه أسلم بعد/ الحديبية (١)، فجعلَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هؤلاء التابعينَ من الصحابةِ بالنسبة إلى السابقين منهم بهذه المنزلة.

وانتشرَ الإسلامُ بعد هذا في أرضِ اليمن والشام والعراق وخراسان ومصر ومغرب (٢)، حتى بقي في العصر الواحدِ من هذه البلادِ من أولياء الله أُلوفٌ مؤلَّفةٌ. فمن قَصَرَهم حينئذ على الأربعين أو ثلاث مائة كان جاهلاً، كما أنَ من بلغ بهم في أولِ الإسلام هذا العددَ كان جاهلاً.

وأما الأسماء المذكورة فتسميةُ "الغوثِ" لا أصل لها في كلامِ أحدٍ من السلف بالمعنى الذي يَدعِيْه هؤلاء (٣)، ولا يُعرَفُ عن أحدٍ من السلف أنه قال: فلانٌ هو غوثُ هذه الأمة، أو إنّ للأمة غوثًا بمكة أو يجيء مكة.

وأما لفظ "النُّقَباء" فإنما ذُكِر في الكتاب والسنة بالمعنى الذي ذكره الله في قوله: (* وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا


(١) انظر "أسد الغابة" (٢/ ١٠٩) و"الإصابة" (١/ ٤١٣). وقد اختلف في تاريخ إسلامه على أقوال، ولا يصخُ له مشهد مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل فتح مكة.
(٢) كذا بدون الألف واللام.
(٣) انظر كلام المؤلف على "الغوث" في "مجموع الفتاوى" (٢٧/ ٩٦؛ ١١/ ٤٣٧)