للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحيح (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "كفارةُ النذر كفارة يمين". وفي السنن (٢) عنه أنه قال: "لا نذرَ في معصيةِ، وكفارته كفارة يمين".

وإذا نذرَ طاعة لله، مثلَ صلاة مشروعة أو صيام شرعي أو صدقة شرعية فعليه الوفاء بذلك، وإن كان أصلُ عقد النذرِ مكروهًا لما في الصحيحين (٣) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نهى عن النذر وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يُستخرَجُ به من البخيل". فنفسُ عقد النذرِ منهيٌّ عنه باتفاق الأئمة، لكنه إذا نَذَرَ نذرًا فإن طاعةً لله وَفَى به، وإن كان معصيةً مثل نَذْرٍ للكنائس والبيَع، ونَذْرِ الزيت والشمع والكسوة والنفقة للمشاهد التي على القبَورَ، فهذا لا يجوز الوفاءُ به، وهل عليه كفارةُ يمين؟ على قولين للفقهاء.

ولو سافرَ لزيارة القبور التي عليها المساجدُ فلا أعلمُ أحدًا من السلف أَذِنَ في ذلك، لكن رَخَّصَ فيه طائفةٌ من متأخري الفقهاء، ومَنَعَ منه آخرون، وقالوا: هو بدعةٌ منهيٌّ عنها، حتى قالوا: لا يجوز فيها قصرُ الصلاة، لأنه قد ثبتَ في الصحيحين (٤) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "لا تُشَدُّ الرحالُ إلاّ إلى ثلاثةِ مساجدَ: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا". وفي السنن (٥) أن بَصْرة بن أبي بَصْرة لما


(١) مسلم (١٦٤٥) عن عقبة بن عامر.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٢٩٠ - ٣٢٩٢) والترمذي (١٥٢٤، ١٥٢٥) والنسائي (٧/ ٢٦، ٢٧) وابن ماجه (٥١٢٥) عن عائشة.
(٣) البخاري (٦٦٠٨، ٦٦٩٢، ٦٦٩٣) ومسلم (١٦٣٩) عن ابن عمر.
(٤) البخاري (١١٨٩) ومسلم (١٣٩٧) عن أبي هريرة.
(٥) أخرجه أحمد (٦/ ٧) والنسائي (٣/ ١١٣) عن بصرة بن أبي بصرة الغفاري.