للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن لا يَقرأ بها سرًّا ولا جهرًا، وكلٌّ منهم يُصلِّي خلفَ الآخر وإن كان يُرجِّح قولَه.

ومن أجودِ ما احتجَّ به من يَرى الجهرَ بالبسملة حديثُ معاوية (١)، لما قَدِمَ المدينةَ فتَرك قراءةَ البسملة في الركعة الأولى في أولِ الفاتحة وأولِ السورة، حتى هَتَفَ به الصحابةُ فقرأها في الركعة الثانية. وقد اعتمد الشافعي على هذا الأثر في "الأم"، وفيه إجماع أولئك الصحابة على الصَّلاةِ خلفَه وإن كان قد تركَ ذلك، وإن كانوا قد أنكروا تركَه.

ومن قال من المتفقهة أتباعِ المذاهب: إنه لا يَصِحُّ اقتداؤه بمن يخالفُه إذا فَعَلَ أو ترك شيئًا يقدح في الصلاة عند المأموم؛ فقَوْدُ مقالتِه يُوقِعُه في مذاهب أهل الفرقة والبدعة، من الروافض والمعتزلة والخوارج، الذين فارقوا السنة، ودخلوا في الفرقة والبدعة.

ولهذا آل الأمرُ ببعض الضالّين إلى أنه لا يُصلِّي خلفَ من يَرفَعُ يديه في المواطن الثلاثة، والآخر لا يرى الصلاة خلفَ من ترك الرفعَ أول مرة، وآخر لا يصلي خلف من يتوضأ من المياه القليلة، وآخر لا يصلي خلف من لا يتحرز من يسير النجاسة المعفو عنها عنده، إلى أمثال هذه الضلالات التي توجب أيضًا أن لا يُصلِّي أهلُ


(١) أخرجه الشافعي في "المسند" (١/ ٧٤) و"الأم" (١/ ٩٤) والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٣٣) عن أنس بهذا. ورواه الشافعي أيضًا من طريق إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه بهذا الخبر.