للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلماء = فهذه رحمةٌ لهذا ولجميع المسلمين، ولك إن شاء الله بهذا من الدعاء والثناء ما الله به عليم.

وهذا أشبهُ بأصول أحمد، وأبعدُ عن المكر والظلم، وهو الموافقُ لعقول الناس وفطرتهم؛ فإن الضامن إنما يُعْطِي الضمانَ لأجل الشجر، ولو كانت أرضًا بيضاء لم يستأجرها إلا بقليل.

وأيضًا، فالمساقاة بجزءٍ من ألف جزءٍ لا تسوغ لناظر الوقف ووليِّ اليتيم ونحوهما، فإنْ عَقَدَ المساقاة مجرَّدًا لم يَجُز، وإنْ شَرَطَها في إيجاره الأرضَ لم يَجُز، والإمام أحمد قد نصَّ على إبطال هذه الحيلة بعينها.

وهذا وأمثاله من محاسن مذهب أحمد؛ فإنه لا يسوغ المكرُ والخداع، كما قال أيوب السختياني: "يخادعون الله كأنما يخادِعون صبيًّا، لو كانوا يأتون الأمر على وجهه كان أسهل" (١).

والناسُ لا بدَّ لهم من ضمان البساتين، فإما على الوجه الذي فعله عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأجازه ابن عقيل، وإما على وجه الاحتيال، ومعلومٌ أن الأول أحسن، وهو عدلٌ باطنًا وظاهرًا.

والنقيبُ جمال الدين يبلغني خدمتكم ومحبَّتكم، والمملوك يسلِّم على من تحيط به العناية، ويعرِّفهم عظيمَ نعم الله ومننه وآلائه وفضله.

وأنا ولله الحمد لستُ في شدَّةٍ ولا ضيقٍ أصلًا، بل في جهادٍ في دين الله


(١) علقه البخاري في الصحيح (٩/ ٢٤) مجزومًا به، بلفظ: "يخادعون الله كأنما يخادعون آدميًّا، لو أتوا الأمر عيانًا كان أهون عليَّ". ووصله وكيع في مصنفه. انظر: "فتح الباري" (١٢/ ٣٣٦)، و"تغليق التعليق" (٥/ ٢٦٤).