للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا هو نفسُ (١) خلق أفعال العباد؛ فنفسُ خلق ذلك العمل هو السببُ المفضي إلى السعادة أو الشقاوة، ولو شاء لفعله بلا عمل، بل هو فاعلُه؛ فإنه ينشئ للجنة خلقًا لما يبقى فيها من الفضل (٢).

يبقى أن يقال: ما الحكمةُ (٣) الكليَّة التي اقتضت ما اقتضته من الأسباب الأُوَل، وحقيقةُ ما الأمر صائرٌ إليه في عواقب (٤) العواقب، والتخصيصات والتمييزات الواقعة في الأشخاص والأعيان، إلى غير ذلك من كليَّات القدَر التي لا تختصُّ بمسألة خلق أفعال العباد؟ وليس هذا الاستفتاء معقودًا لها، وتفسير جُمَل ذلك لا يليق بهذا الموضع، فضلًا عن بعض تفصيله.

ويكفي العاقل أن يعلم أن الله عليمٌ حكيمٌ رحيم، بهرت الألبابَ حكمتُه، ووسعت كلَّ شيءٍ رحمتُه، وأحاط بكلِّ شيءٍ علمُه، وأحصاه لوحُه وقلمُه، وأن لله في قدَره سرًّا مصونًا، وعلمًا مخزونًا، اختزنه (٥) دون جميع خلقه، واستأثر به على جميع بريَّته، وإنما يصلُ أهلُ العلم به (٦) وأربابُ ولايته إلى جُمَلٍ من ذلك وجوامعَ وكليَّات، قد يؤذنُ لبعضهم في إفشاء شيءٍ من جُمَل ذلك (٧) وقد


(١) (ف): "تفسير".
(٢) أخرجه البخاري (٤٨٥٠، ٧٣٨٤)، ومسلم (٢٨٤٦، ٢٨٤٨) من حديث أبي هريرة وأنس - رضي الله عنهما -.
(٣) (ف): "فالحكمة". وهي مهملة في الأصل. ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) ساقطة من (ف).
(٥) (ف): "احترز به". تحريف.
(٦) (ف): "يصل به أهل العلم". وهو خطأ.
(٧) من قوله: "وجوامع وكليات" إلى هنا ساقط من (ف)، ولعله لانتقال النظر.