للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلمَ بالأعمال النافعة في الدار الآخرة، والأعمال الضارَّة، أكثرُه غيبٌ عن عقول الخلق، وكذلك مصيرُ العباد ومُنقَلبُهم بعد فراق رُوحِهم (١) هذه الدار؛ فبعث الله رسله، وأنزل كتبه، مبشِّرين ومنذرين؛ لئلَّا يكون للناس على الله حجةٌ بعد الرسل.

وحكمتُه في ذلك تضارِع حكمتَه في خلق جميع الأسباب والمسبَّبات، وما ذاك إلا [أن] علمَه الأزليَّ ومشيئتَه النافذة وقدرتَه القاهرة اقتضت ما اقتضته، وأوجبت ما أوجبته، من مصير أقوامٍ إلى جنَّته بالأعمال الموجبة لذلك؛ فخلَقهم وخلَق أعمالهم (٢)، وساقهم بتلك الأعمال إلى رضوانه. وكذلك أهل النار.

كما قال الصَّادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له: "ألا ندَع العمل ونتَّكل على الكتاب؟ " فقال: "لا، اعملوا؛ فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِق له. أما من كان من أهل السَّعادة فسَيُيَسَّر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشَّقاوة فسَيُيَسَّر لعمل أهل الشقاوة" (٣).

فبيَّن - صلى الله عليه وسلم - أن العبد (٤) قد يُيسَّر للعمل الذي يسوقُه الله به إلى السعادة، وكذلك الشقيُّ تيسيرُه له هو نفسُ إلهامه ذلك العمل وتهيئةُ أسبابه.


(١) ساقطة من (ف).
(٢) (ف): "مصير أقوام إلى الجنة بأعمال موجبة لذلك منهم وخلق أعمالهم".
(٣) أخرجه البخاري (٤٩٤٩)، ومسلم (٢٦٤٧) من حديث علي - رضي الله عنه -.
(٤) (ف): "السعيد".