للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشِّبَع والرِّيَّ بالأكل والشرب ربطًا محكمًا. ولو شاء أن لا يُشْبِعه [ويُرْوِيه] مع وجود الأكل والشرب فَعَل، إما بأن لا يجعل في الطعام قوَّةً مغذِّية (١)، أو يجعل في المحلِّ قوةً مانعة، أو بما شاء سبحانه وتعالى، ولو شاء أن يُشْبِعه ويُرْوِيه بلا أكلٍ وشربٍ لفَعَل، أو بأكل شيءٍ غير معتاد.

كذلك في اقتضاء (٢) الأعمال المثوباتِ والعقوبات حذو القذَّة بالقذَّة؛ فإنه إنما سُمِّي "الثوابُ" لأنه يثوبُ إلى العامل من عمله، أي يرجع، و"العقابُ" لأنه يَعْقُب العملَ، أي يكون بعده. ولو شاء أن لا يُثِيبه على ذلك العمل، إما بأن لا يجعل في العمل خاصَّةً تفضي إلى الثواب، أو بوجود أسبابٍ تنفي ذلك الثواب، أو غير ذلك = لفعَل سبحانه (٣). وكذلك في العقوبات.

وبيان ذلك: أن نفس الأكل والشرب باختيار العبد ومشيئته التي هي مِن فِعل الله أيضًا، وحصول الشِّبَع في عقبَ الأكل ليس للعبد فيه صنعٌ البتة، حتى لو أراد دفعَ الشِّبع بعد تعاطي الأسباب الموجبة له لم يُطِق.

وكذلك نفس العمل، هو بإرادته واختياره، فلو شاء أن يدفعَ أثر ذلك العمل وثوابَه بعد [وجود] موجِبه لم يَقْدِر.

وهذه حكمة الله وسنَّته (٤) في جميع الأسباب في الدنيا والآخرة، لكن


(١) ساقطة من (ف).
(٢) ساقطة كذلك من (ف).
(٣) الأصل: "تنفي ذلك الثواب لفعل يفعل سبحانه". والمثبت من (ف).
(٤) (ف): "ومشيئته".