للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إني لم أُبْعَثْ باليهودية ولا بالنصرانية، وإنما بُعِثْتُ بالحنيفية السمحة".

فبين الله أنه لا دينَ أحسنُ من دينِ مَنْ أسلم وجهه لله، وهو محسن غير مسيء، واتبع ملة إبراهيم حنيفًا.

وقال: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) (١)، فدل بذلك على متابعة إبراهيم في محبته لله، ومحبة الله له، ولفظ "أسلم" يتضمن شيئين: أحدهما الإخلاص، والثاني الاتباع (٢) والإذلال. كما أن "أسلم" إذا استُعْمِل لازمًا مثل: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) (٣)، وقوله: (أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١)) (٤)، يتضمن الخضوع لله والإخلاص له.

وضدّ ذلك إمّا الكبرُ وإمّا الشركُ، وهما أعظم الذنوب، ولهذا كان الدين عند الله الإسلام، فإن دين الله أن نعبده وحده لا شريك له، وهذا حقيقة قول لا إله إلا الله، وبه بُعِثَتِ الرسلُ جميعُها، ومن عبادته وحده أن لا نشرك به، ولا نتكبر عن أمره، فلا بدَّ من الإيمان بجميع كتبه،


= (٦/ ١١٦، ٢٣٣) من طريق عبد الرحمن بن أبي زياد عن أبيه عن عروة عن عائشة بلفظ: "إني أرسلتُ بحنيفية سمحة". قال السخاوي في "المقاصد الحسنة") (ص ١٠٩): سنده حسن، وفي الباب عن أبي بن كعب وأسعد بن عبد الله الخزاعي وجابر وابن عمر وأبي أمامة وأبي هريرة وغيرهم.
(١) سورة النساء: ١٢٥.
(٢) في الأصل: "الاجماع" تحريف.
(٣) سورة البقرة: ١٢٨.
(٤) سورة البقرة: ١٣١.