للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالملائكة الذين أخبر الله عنهم أنهم يحملون العرش، كما قال سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: ٧] وهم لا يطيقون حمله إلا بقوة الله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه ربُّ كلّ شيء ومليكُه وخالقُه، وكلُّ ما سواه ــ العرش (١) فما دونه ــ مفتقر إليه. وهو سبحانه القيّوم الصمد، الغني (٢) عن كلِّ ما سواه مع أنه بائنٌ عن مخلوقاته، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، بل هو فوق (٣) سماواته على عرشه بائنٌ من خلقه.

ولذلك من قال: إن استواءه على العرش كاستواء المخلوق على المخلوق، فإنه بمنزلة من يقول: إن سمعه كسمع المخلوق، وبصره كبصر المخلوق، وكلامه مثل كلام المخلوق، ويده مثل يد المخلوق. وهذا كلام أهل التشبيه والتمثيل، ومن يقوله (٤) أهل الأباطيل.

وأما الذي قال: من قال: "إن الله في السماء" فقد كفر. فقد أخطأ بإجماع سلف الأمة وأئمتها؛ فإنهم متفقون على أنه لا يُكَفَّر أحدٌ بإطلاق هذا القول. فإن هذا قد ثبت إطلاقه في الكتاب والسنة، واتفق على ذلك


(١) تكررت في (ب).
(٢) في (ب): "القيوم".
(٣) (ب): "ليس هو في مخلوقاته، بل هو فوق ... " وفيها سقط عدة كلمات.
(٤) (ب): "وهم من أهل ... ".