للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: ٤٤]. وقال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم: ٤٤ - ٤٥].

وخالفهم آخرون من أهل الإثبات والقدر أيضًا، وقالوا: بل لله على الكافر نعمٌ دنيوية. والقولان في عامة أهل الإثبات من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم.

قال هؤلاء: والقرآن قد دلَّ على امتنانه على الكفار بنعمِه، ومطالبتِه إياهم بشكرها، فكيف يقال: ليستْ نِعَمًا؟ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: ٢٨] إلى قوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (٣٣) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٢ - ٣٤]. وقال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: ٣]. وكيف يكون كفورًا من لم يُنْعَم عليه؟!

قالوا: ولازمُ قولِ هؤلاء أن الكفار لم يجب عليهم شكر اللهِ؛ إذ لم يكن قد أنعم عليهم عندهم. وهذا القول يُعلَم فسادُه بالاضطرار من دين