للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن لو نوى باللفظ معناه عند أهله وهو لا يفهمُه، كما لو تكلَّم بلفظ العجميِّ وهو لا يفهمُه ونوى مُوجَبَه عند أهله، أو نوى مُوجَبَ العربية من لا يفهمُه، أو مُوجَبَ الحساب من لا يفهمُه = ففيه وجهان مشهوران، والأقوى في الحجَّة: أنه لا يصحُّ؛ لأنه قصَدَ ما لا يعرفُه، وذلك لا يصحُّ.

ولهذا لو أقرَّ بمثل هذا، أو شهد بمثل هذا، لم يلزمه إقرارٌ ولا شهادة.

وهذا من باب المخاطرة والقِمَار في الألفاظ؛ فإن حقيقته أني قصدتُ ما يفهمُه غيري من هذا اللفظ كائنًا ما كان. وهذا لا يصحُّ.

وإذا كان المعنى هو المقصود المراد بلفظ العقد، فلفظُ (١) "البيع" ونحو ذلك معناه ومقصوده هو انتقالُ المبيع إلى المشتري، وانتقالُ الثمن إلى البائع، وتحصيل المقصود المراد هو إلى الشارع، فالصَّحيح ما ترتَّب عليه مقصوده وحصل به أثرُه، والباطل ما لم يترتَّب عليه مقصوده ولم يحصل به أثرُه.

فإذا كان قد عنَى وقَصَد بلفظ العقد معنًى، فرتَّبه عليه الشارع وحصَّله، كان العقد صحيحًا، وإلا كان فاسدًا.

وإذا كان المقصود بلفظ "البيع" حصول الملك من الطرفين، فإنْ حَكَم الشارعُ بحصول المقصود [في بعضٍ] (٢) دون بعض، فيكون العقد صحيحًا من وجهٍ دون وجه، كما بينَّاه في غير هذا الموضع (٣).


(١) الأصل: "بلفظ". وأرجو أن الصواب ما أثبت.
(٢) ساقط من الأصل.
(٣) انظر: "بيان الدليل على بطلان التحليل" (٤٦٤).