للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان هو لم يعرف أن ذلك المعنى هو المقصود المراد باللفظ لم يكن قاصدًا له، فلا يكون قد عناه، فيبقى في حقِّه لفظًا لا معنى له، فلا ينعقد به عقدٌ، كما لو اعتقد أن لفظ "التحرير" المراد به العفاف دون العتق (١)، فهذا لا يعتقُ به العبد في الباطن قطعًا. ومتى شاع هذا العُرف في العامة لم يكن اللفظ صريحًا في حقِّهم.

ولو اعتقد أن معنى "الإعتاق" إعتاقه من شغلٍ أو عملٍ ألزمه إياه، ولم يكن يفهم أن معناه التخليص من الرِّقِّ مطلقًا، لم يكن اللفظ في الباطن في حقِّه عتقًا، وأما قبوله في الظاهر ففيه تفصيل.

ولو اعتقد أن "الوقف" معناه تسبيل المنفعة فقط، دون إخراج الرقبة من ملكه، لم ينعقد الوقفُ بمجرَّد لفظه في نفس الأمر.

ولو اعتقد أن لفظ "الطلاق" ليس معناه الفُرقة الناجزة، ولكن معناه أنه إذا أوقعه في الحيض فإن الأمر يتأخر إلى الطُّهر، فإن شاء وقع الطلاق وإن شاء لم يقع، أو أنه إذا أوقعه في الطُّهر فإنه يتأخر إلى الحيض، فإن شاء وقع وإن شاء لم يقع = [لم يقع] (٢) بهذا اللفظ طلاقٌ منجَّزٌ أو مؤخَّرٌ بدون مشيئته؛ لأنه إذا لم يعلم أن هذا معنى اللفظ ومقصوده ومراده لم يقصد المعنى ولم يُرِده ولم يَعْنِه، وإذا لم يقصده ولم يُرِده ولم يَعْنِه كان لفظًا بدون معنى (٣).


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ١٢٢)، و"جامع المسائل" (١/ ٣٩١).
(٢) سقط على الناسخ لانتقال نظره.
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٣/ ٢٣٩، ٢٤١).