للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيحة: «حتى تقوم الساعةُ» (١) يريد به انخرامَ ذلك القرن؛ فلهذا هو مفسَّرٌ في نفس الحديث الصحيح.

وكذلك مذهب أهل السنة والجماعة: الإقرار بمعاد الأرواح والأبدان جميعًا، وأن الروح باقية بعد مفارقة البدن منعَّمةً ومعذَّبةً.

وأما أهل الأهواء فكان كثير من الجهمية والمعتزلة ونحوهم يُكذِّب بما في البرزخ من النعيم والعذاب، ولا يُقِرُّ بما يكون في القبر، كما ينكرون أيضًا وجودَ الجنة والنار، ولا يعتقدون نعيمًا ولا عذابًا ولا ثوابًا ولا عقابًا إلّا عند القيامة الكبرى.

ثم منهم من يقول: ليست الروح شيئًا باقيًا بدون البدن. وبعض هؤلاء يُقِرُّ بعذاب القبر ونعيمه للجسد فقط دونَ روحٍ باقية دونه. وهذا كثير في مقالات طوائف من أهل الكلام، وهم يتكلمون في إحداث العالم وإفنائه. وقد يزعمون أن العالم يَفنى بجملته ثم يعاد. ومنهم من يزعم أنه يَفنَى بعد دخول الجنة والنار، وأنهما يَفنَيانِ، كما يُذكَر ذلك عن الجهم بن صفوان. وزعم أبو الهذيل أن حركاتهم تَفنَى، وأمثال هذه المقالات.

وفي مقابلة هؤلاء طوائف من الفلاسفة المشائين وغيرهم ومن قد يتبعهم من الملِّيين يُكذِّبون بالقيامة العامة، وإنما يُقِرُّون بالقيامة التي هي انقراض القرون، والطوفانات العامة، وبأن من ماتَ فقد قامتْ قيامتُه.


(١) أخرجه البخاري (٦٥١١) ومسلم (٢٩٥٢) عن عائشة.