للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه البراهين العقلية، كالأمثال المضروبة التي بيَّنها الله تعالى في كتابه، وعرف ذلك أهل العلم والإيمان الذين قال الله فيهم: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ) (١)، وقال: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى) (٢)، وقال: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)) (٣).

فإن قيل: فقد ذكرتم أن الموجودينِ كما لا يكون أحدهما فاعلاً للَاخر ولا سببا له، فلا يكون كل منهما معلولاً للآخر ومقصودًا له هو منتهى إرادته، ولا يكون كل منهما هو المقصود بالآخر من فاعل واحد، وأنتم تعلمون أن التحابَّ من الجانبين موجود في نفوس الحيوان، كما أن الزوجين الذكر والأنثى من الناس والبهائم يحب كل واحد منهما الاخر، كما قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (٤)، بل كل من الزوجين قد يكون الآخر محبوبًا له معشوقًا لذاته، وهو غاية مقصودة، لا يحبه ويقصده لشيء آخر غير نفسه والاتصال به، ويوجد مثل ذلك في أنواع التحاب والتعاشق الذي هو محرم ومكروه في العقل والدين، إذ المقصود هنا ذكر الواقع.

قيل: المحب والعاشق لزوجه لا يجوز أن يحبه ويعشقه لذاته


(١) سورة سبأ: ٦.
(٢) سورة الرعد: ١٩.
(٣) سورة العنكبوت: ٤٣.
(٤) سورة الروم: ٢١.