للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونفسه، فإن الله إنما جعل المودة بين الزوجين لتتم مصلحتهما من المعاشرة والمناكحة، فيحصل لكل واحد منهما من اللذة ما هو موجود في نفسه، وما يمكن تحصيله من غير هذا المحل، كما يحصل للَاكل مطلوبه في الطعام المعين والشراب المعين، فإرادته إنما هو لما يحصل في نفسه من اللذة، سواء حصل بهذا المعين أو بغيره.

ثم هذه اللذة لا ريب أن الحيوان يقصدها لوجود اللذة، لأن كل ما يتنعم به الحي يقصد وجود اللذة به، إذ اللذة غاية مطلوب الحي، ومن حكمة هذا ... (١) أراها الله سبحانه بخلق هذا وجود التناسل الذي به يدوم نسل الحيوان، كما أن من حكمة الأكل أن يستخلف بدن الحيوان بدل ما تحلل منه، إذ كانت الحرارة تحلل الرطوبة دائماً، فإن لم يحدث بدل المتحلل وإلا فسد بدن الحيوان، فهذه الحكمة موجودة في الدنيا.

ومن هنا جهل من جهل من الكفار والمنافقين من المتفلسفة الصابئة، ومن اليهود والنصارى، الذين أنكروا وجود الأكل والشرب والنكاح في الجنة، مع أن اليهود والنصارى يثبتون معاد الأبدان، وأما أولئك المتفلسفة فإنهم منافقون لأهل المللَ مع دعواهم التحقيق، يقولون: إن الذي أخبرت به الرسل من أنواع هذا النعيم إنما هو أمثال مضروبة لتفهيم المعاد الروحاني، وهذه من شبههم، وهو أن الأكل والشرب والنكاح علتها الغائية وجود النسل وثبات الأبدان، وهذا


(١) بياض في الأصل بقدر كلمة.