للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) (١). وجَعَلَ حجتَه التي يَستحقُّ العذابَ تاركُها رُسُلَه المنذرين، دونَ مجرَّدِ الفطرةِ والعقل، كما قال سبحانَه وتعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) إلى قوله تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)) (٢). فأخبر أنه أرسلَ الرسُلَ لئلاّ يَبقَى لأحدٍ حجة، فعُلِمَ أنّ الحجة قامت على أهل الأرض بالرسل، وأنه لم يَبْقَ لأحدٍ بعدهم.

و"الحجةُ" اسم لما يُحتجُّ به، سواءٌ كانت بينةً أو شبهةً، وإن كان قد اصطلح كثير من المتأخرين قَصْرَ هذا اللفظِ على البينات دون الشُّبُهات. فإنّ الأول هو لغة القرآن ولغةُ العرب، كما قال سبحانه: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (٣)، وقال تعالى: (لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ) (٤). وهي اسم لما يقصده المُحَاجُّ ويَؤُمُّه في حجاجه، ومثل قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما أحد أحبَّ إليه العذرُ من الله، من أجلِ ذلك بعثَ الرسُلَ مبشّرين ومنذرين" (٥).

وقال سبحانه وتعالى: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)


(١) سورة الأعراف: ١٥٧.
(٢) سورة النساء: ١٦٣ - ١٦٥.
(٣) سورة البقرة: ١٥٠.
(٤) سورة الشورى: ١٥.
(٥) أخرجه مسلم (٢٧٦٠) من حديث ابن مسعود.