للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَفُورا رَّحيِما (٧٣)) (١)، فوصفَ الإنسانَ بالجهل والظلمِ، وجعلَ الفرقَ بين المؤمن والكافر والمنافق أن يتوبَ الله عليه، إذْ لم يكن له بُدٌّ من الجهل والظلم. ولهذا جاء في الحديث (٢): "كل ابنِ آدمَ خَطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوَّابُون".

واعلم أن كثيرًا من الناس يَسبقُ إلى ذهنه من ذكر الذنوب الزنا والسرقةُ ونحوُ ذلك، فيَسْتَعظمُ أن كريمًا يفَعل ذلك، ولا يعلم أن أكثر عُقَلاء بني آدم لا يَسرِقَون بل لا يزنون، حتى في جاهليتهم وكفرهم، فإن أبا بكر وغيره من الصحابة كانوا قبل الإسلام لا يَرْضَون (٣) أن يفعلوا مثلَ هذه الأعمال، ولما بايعَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هندًا بنتَ عُتبةَ بن ربيعة أمَّ معاوية بيعةَ النساء على أن لا يَسرقن ولا يزنين، قالت: أوَ تَزني الحُرَّةُ؟ (٤) فما كانوا في الجاهلية يعرفون الزنا إلاّ للإماء. ولهذا قولهم "حُرَّة" تُرادُ به العفيفة، لأن الحرائرَ كن عَفائِفَ.

وأما اللواط فأكثر الأمم لم يكن يَعرفُه، ولم يكن هذا يُعرَفُ في العرب قطُ.


(١) سورة الأحزاب: ٧٢ - ٧٣.
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٩٨) والترمذى (٢٤٩٩) وابن ماجه (٤٢٥١) عن أنس بن مالك. وحسنه الألباني في تعليقه على "المشكاة" (٢٣٤١).
(٣) في الأصل: "لا يرضوا".
(٤) ذكره الطبري في "تاريخه" (٣/ ٦١ - ٦٢) بلاغًا ضمن قصة مشهورة. ونقل عنه ابن كثير في "البداية والنهاية" (٦/ ٦١٦ - ٦١٨).