للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء من طرقٍ متعددة ضعيفة ارتقى إلى درجة الحسن أو الصحيح، فإنه إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع ازداد ضعفًا إلى ضعف، لأن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحيث لا يرويه غيرُهم يرفع الثقةَ بحديثهم، ويؤيد ضعفَ روايتهم (١). وعلى هذا فمن قوَّى أحاديث الأبدال التي انفرد بروايتها المتهمون بالكذب والمتروكون ونحوهم يكون على الجادة أم من يُنكِر تقويتها؟

• مصدر هذه الفكرة

رأينا فيما سبق أن الأحاديث التي يستند إليها الصوفية كلها موضوعة وواهية، ثم إنها لا تساعدهم على صياغة فكرة "القطب" الذي يرأس رجالَ الغيب في نظرهم، فلا ذكر لهذا اللفظ في شيء من الأحاديث والآثار. ولذا يرى أكثر الباحثين أنها فكرة دخيلة استمدها الصوفية من غيرهم، واختلفوا في تحديد المصدر، فذكر بعضهم أن مفهوم "القطب" بوصفه المبدأ الفعال (أو الباطن) (٢) لكل إلهام شبيهٌ بالعقل "النُّوسْ" في الأفلاطونية الحديثة، ويُشبه عقيدة الإسماعيلية القائلة بتجسيد العقل الأول (الإمام) في الناطق (٣).


(١) انظر "الباعث الحثيث" لأحمد محمد شاكر (١/ ١٣٥).
(٢) كما عند القاشاني في "اصطلاحات الصوفية" ص ١٤١
(٣) انظر"دائرة المعارف الإسلامية"- بالإنجليزية- الطبعة الجديدة، مقال "القطب"
(٥/ ٥٤٤)؛ و"ابن الفارض والحبّ الإلهي" لمحمد مصطفى حلمي ص ٢٧٧