للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة عندها مشروعا لم يُكْرَه الصلاةُ فيها، بل كانت تكون الصلاة فيها أفضلَ، وقد أجمع المسلمون على أن الصلاة والدعاء في المسجد الذي ليس عليه قبرٌ لا رجل صالح ولا غيره أفضلُ من الصلاة والدعاء في المسجد المبني على قبر من المشاهد وغيره، بل صرَّح أئمة المسلمين أنَّ بناءَ المساجد عليها حرام، ونَهَوْا عن الصلاة فيها.

وفي السنن (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "لَعَنَ الله زواراتِ القبور والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج". قال الترمذي: حديث حسن.

ورواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه. فقد لعن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَن يتخذ على القبور مساجدَ وسُرُجا. ولهذا قال العلماء: إنه لا يجوز أن يُنذَر للقبور لا زيت ولا شمع ولا نفقة ولا نحو ذلك، بل هذا نذر معصية. وفي صحيح البخاري (٢) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من نَذَر أن يُطيعَ اللهَ فليُطِعْه، ومن نَذَر أن يَعصِيَه فلا يَعْصِه".

ونذرُ المعصية مثل هذا لا يجوز الوفاءُ به بالاتفاق، لكن هل عليه كفارةُ يمين؟ فيه قولان للعلماء:

أحدهما: لا شيءَ عليه، كقول أبي حنيفة ومالك والشافعي.

والثاني: عليه كفارة يمين، وهو ظاهر مذهب أحمد، لما في


(١) أخرجه أبو داود (٣٢٣٦) والترمذي (٣٢٠) والنسائي (٤/ ٩٤) وابن ماجه (١٥٧٥). وتكلم عليه الألباني في "الضعيفة" (٢٢٥).
(٢) برقم (٦٦٩٦، ٦٧٠٠) عن عائشة.