للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعدو لا مقصودين.

وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرض موته، وهو يقول: "نَفِّذوا جيش أسامة، نَفِّذوا جيش أسامة" (١)، لا يَشغَلُه ما هو فيه من البلاء الشديد عن مجاهدة العدوّ. وكذلك أبو بكر.

والساعةَ لما ذهب أميرٌ بحلب بعسكرٍ إلى الجزيرة وتصيَّد هناك، طارَ الصيتُ في تلك البلاد بمَجيءِ العسكر، فامتلأت قلوب البنجاي (٢) رعبًا، حتى صاروا يريدون أنَ يُظهِروا زيَّ المسلمين لئلاّ يُؤخَذوا، وفي قلوب العدوّ رُعبٌ لا يعلمه إلا الله، وقد هُيِّئ لهم في البلاد إقامات كثيرة من الشعير وغيره، والمسلمون هناك يدعون الله أن يكون رزق المسلمين.

وأقلُّ ما يجب على المسلمين أن يُجاهِدوا عدوَّهم في كلِّ عام مرةً، وإن تركوه أكثر من ذلك فقد عَصوا الله ورسولَه، واستحقوا العقوبة، وكذلك إذا تقاعدوا حتى يطأ العدوُّ أرضَ الإسلام. والتجربةُ تدلُّ على ذلك، فإنه (٣) لما كان المسلمون يقصدونهم في تلك البلاد لم يزالوا منصورين، وفي نَوبتَيْ حمص الأولى والثانية لما مَكّنُوهم من دخول البلاد كاد المسلمون في تلك النوبةِ أن ينكسروا لولا أن ثبَّتَ الله، وجَرى في هذه المدة ما جرى. وما قَصَدَهم المسلمون قَطُّ


(١) أخرجه ابن إسحاق معلقًا كما في "سيرة" ابن هشام (٢/ ٦٥٠) وابن سعد في "الطبقات" (٢/ ٢٤٩) من طريق الواقدي.
(٢) كذا في الأصل.
(٣) في الأصل: "فان".