للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك إذا كان هذا في نفسه لم يُظْهِره لأحد؛ فإن غايته أن يكون منافقًا، ثم تاب وصار مؤمنًا، والمنافقون الذين كانوا يتوبون لم يكونوا يؤمرون بقضاء ما تركوه في حال النفاق.

وذلك لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨].

وقد أجمع المسلمون إجماعًا معلومًا بالاضطرار من دين الإسلام أن الكافر الأصليَّ إذا أسلم لا يجبُ عليه قضاء ما تركه في حال الكفر من صلاةٍ وزكاةٍ وصيام، سواءٌ قيل: إن الكفَّار مخاطبون بفروع الشريعة، أو قيل: إنهم غير مخاطبين بها؛ فإن أثر النزاع يظهر في عقوبة الآخرة (١)، وأما في الدنيا ... فلا تصحُّ منهم هذه العبادات في حال الكفر، ولا يؤمرون بقضائها بعد الإسلام.

ومن ترك بعض الصلوات، أو بعض أركانها، جهلًا بوجوبها، وكذلك الصيام، فلا قضاء عليه أيضًا في أظهر قولي العلماء (٢)، وهو أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد وغيره (٣).

كما لم يأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المستحاضة أن تقضي ما تركته من الصلاة زمن


(١) انظر: "المحصول" (٢/ ٢٣٧)، و"التحبير شرح التحرير" (٣/ ١١٥٨).
(٢) انظر: "منهاج السنة" (٥/ ١٢٣، ١٢٤)، و"مجموع الفتاوى" (٣/ ٢٨٧، ١١/ ٤٠٧، ١٩/ ٢٢٦، ٢١/ ٤٢٩، ٢٢/ ٤٢، ١٠٢، ٢٣/ ٣٧)، و"جامع المسائل" (٧/ ١١١، ٨/ ٢٧٤)، و"الاختيارات" للبعلي (٤٨).
(٣) انظر: "الفروع" (١/ ٤٠٥، ٤٠٦)، و"الإنصاف" (١/ ٣٨٩).