للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/وغاية ما يُرَاد بالمشايخ الصالحين ما يُراد من الأنبياء والمرسلين، والمراد منهم تبليغ رِسالاتِ الله وهدايةُ عباد الله، والدعوة إلى الله، هذا هو المقصود الأعظم. ولهم أيضًا من الدعاء لعباد الله والشفاعة لهم ما هو من الأمور المطلوبة، لكن الأمر كله لله، وقد جَعَلَ اللهُ لكل شيء قدرًا.

ودعاء الله من الأنبياء والمؤمنين للعبد هو من نِعَم الله عليه، وأسعدُ الناس بذلك أعظمُ إخلاصًا لله وتوكُلاً عليه، كما في الصحيح (١) أَنَّ أبا هريرة قال: يا رسول الله، أيُّ الناسِ أَسْعَدُ بشفاعتِكَ؟ قال: "لقد ظننتُ يا أبا هريرةَ أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ قبلَكَ، أسعدُ الناسِ بشفاعتي مَن قال لا إله إلاّ الله يَبتغي بها وجهَ الله".

فالعبدُ مأمورٌ أن لا يتوكَّلَ إلاّ على الله، ولا يَرغب إلاّ إليه، ولا يخاف إلاّ إياه، ولا يعمل إلاّ له. والله يُيَسِّر له من الأسباب ما لم يكن له في حساب، فإنه سبحانه يتولى الصالحين، وهو كافٍ عبدَه، وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤)) (٢) أي حسبُك وحسبُ مَن اتبعك من المؤمنين الله، فهو وحدَه كافٍ عبادَه لا يحتاج إلى ظهير ولا شريك. قال تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ


(١) البخاري (٩٩، ٦٥٧٠).
(٢) سورة الأنفال: ٤٦.