للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك أن الله تعالى يقول: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥]، وقال: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ} [السجدة: ٤]، ثم قال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]. فأقسمَ بنفسه على نفي إيمانِ من لم يجمع أمرين: تحكيمه فيما شجر بينهم وأن لا يجد في نفسه حرجًا، وهذا يُوجِب أنه ليس في أمرِه ونهيِه ما يُوجب الحرجَ ..... (١) امتثلَ ذلك ...... حكمه لا بدَّ فيه من أمرٍ ونهيٍ، وإن كان فيه ....... أيضًا. فلو كان المأمور به والمنهي عنه ....... ومفسدةً وألمًا بلا لذةٍ راجحةٍ، لم يكن العبدُ مَلُومًا على وجود الحرج فيما هو مضرَّةٌ له ومفسدة.

ولهذا لم يتنازع العلماء أن الرِّضا بما أمرَ الله ورسولُه واجبٌ، بحيث لا يحبون كراهةَ ذلك ولا سخطَه، وأن محبة ذلك واجبةٌ، بحيث يُبغِضُ ما أبغضه الله، ويسخط ما سخطه الله من المحظور، ويُحِبُّ ما أحبَّه الله، ويَرضَى ما رَضِيَه الله من المأمور. وإن تنازعوا في الرضا بما قدَّره الحقُّ من الألم كالمرض والفقر، فقيل: هو واجب، وقيل: مستحب، وهو أرجح. والقولان في أصحاب أحمد وغيرهم. وأما الصبر على ذلك فلا نزاعَ أنه واجب.

وقد قال في الأول: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ


(١) الكلمات في مواضع النقط غير واضحة في الأصل.