للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)) (١).

ونحن ننبه على بعض حقيقة هذا الكلام، وذلك من وجوه:

الأول

قوله في صدر الكلام: "كان الله ولا شيءَ معه"، فهذه الكلمة مأثورة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٢). ثم قال في آخره: "وهو الآن على ما عليه كان"، فهذه الكلمة ليست من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يُؤثَر عن أحد من أئمة الدين المقبولين عند عموم الأمة، ولا لها ذِكر في شيء من كتب الحديث. وقد اعترفَ بذلك ابن عربي وغيره، فقال: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كان الله ولا شيءَ معه"، قال: وزاد العلماء "وهو الآن على ما عليه كان".

وأكثر هؤلاء الاتحادية يجعلون هذا من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويجعلون هذه الكلمة أُسَّ زندقتهم، وغرضُهم أنه لم يكن معه غير، وهو الآن ليس معه غير ولا سِوى، بل الوجودُ هو عينُه ونفسُه، فلا الأصنام والأوثان والجن والشياطين والنجاسات والأقذار غيره ولا سواه، فإنه كان وليس معه غيرُه، وهو الآن ليس معه غيرُه.


(١) سورة الأعراف: ٣٣.
(٢) أخرجه البخاري (٣١٩١، ٧٤١٨) بلفظين آخرين عن عمران بن حصين.
وهذا اللفظ في غير رواية البخاري، انظر "الفتح" (٦/ ٢٨٩).