للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بناءً على أصلهم في أن الله لم يخلق أفعال العباد، فتناول العبد له ليس عندهم مقدورًا لله، ولا هو ملكه إياه، وهو قول باطل.

فإن قيل ما ذكره المعترض عليه -من كون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له مثل

أجور أمته، فلا حاجةَ إلى الإهداء- ضعيف من وجهين:

أحدهما: أن الابن من كَسْبِ أبيه، ودعاؤه مستثنى من عمله المنقطع، ومع هذا فالابن يتصدق عن أبيه بالسنة والإجماع، وكذلك يحج عنه، بل ويصوم عنه، بالسنة الصحيحة.

الثاني: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا حصل له مثل أجر العالم من أبيه أمكن أن يحصل له مثل ذلك أيضًا بطريق الإهداء إليه، فلا منافاةَ بين الأمرين.

قيل عن الأول من وجهين:

أحدهما: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يجعل للأب مثلَ عملِ جميع أمته، ولا يعلم دليلاً على ذلك، وإنما جعل ما يدعوه الابن له من عمله الذي لا ينقطع، بخلاف الداعي إلى هدى كان له، حصل له مثل أجر المدعوّ، وهذا الفرق ظاهر، وهو أن الداعي إلى هدى أراد إرادة جازمة فعلَ ذلك الهدى بحسب قدرته، وهو لم يقدر إلا على الأمر به والدعاء إليه، ومن أراد عملاً إرادةً جازمة وعمل منه ما يقدر عليه كان بمنزلة العامل له، كما قد بسطنا هذه المسألة في غير هذا الموضع، وبينا فصلَ الخطاب فيما تنازع الناس فيه من الإرادة ونحوها من أعمال القلوب إذا لم يدربه من عمل الجوارح، هل