للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغافر (١)، وقوله: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨)) إلى قوله: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (١٠)) (٢)، وقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) (٣).

فأمر سبحانه بهذا وبهذا، وكلاهما وإن كان ينقسم بحسب فعلِه ووقتِه إلى مُوَسَّعٍ ومقدَّرٍ، وبحسب فعلِه إلى معيَّنٍ ومخيَّرٍ، وبحسب فاعلِه إلى واجب على الأعيان وواجبٍ على الكفاية، فهما مشتركان في أنَّ ما كان كذلكَ يلزم بالشروع فيه إتمامه، فما كان وقتُه موسَّعًا يتعيَّن بالدخول فيه، وما كان واجبًا على الكفاية يتعيَّنُ على من باشرَه.

والمقصود ههنا أنه قد يجتمع الواجبان في وقتٍ واحدٍ، وله صورتان:

إحداهما: أن لا يكون مباشرًا للجهاد، بل مصابرًا للعدوّ، فهذا يُصلِّي صلاة الخوف إذ كان ... (٤) له، كما صلَاّها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غيرَ مرة على وجوهٍ خلاف الوجوه المعتادة في الأمن، فيَسُوغ فيها استدبارُ القبلةِ، والعملُ الكثير في نفس الصلاة، ومفارقةُ الإمام قبلَ السلام، واقتداء المفترض فيها بالمتنفل، والتخلُّف عن متابعة الإمام حتى يُصلِّي ركعة. وهذه الأمور فيها ما لا يُفعَل إلا لعذر بالاتفاق، وفيها ما


(١) آية: ٥٥.
(٢) سورة المزمل: ٨ - ١٠.
(٣) سورة الإنسان: ٢٣ - ٢٦.
(٤) هنا في الأصل كلمة رسمها: "مزاييا".